[size=21]الحمد لله الجواد الكريم؛ منَّ علينا ببعثة خاتم المرسلين، فهدانا به إلى الإيمان واليقين [ لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ</SPAN></STRONG>
أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ]{</SPAN>آل عمران:164} نحمده حمداً كثيراً، </STRONG>
ونشكره شكراً مزيداً؛ فنعمه علينا متتابعه، وخيراته لنا وافية [ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله] </SPAN>{النحل:53}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده </STRONG>
لا شريك له؛ لا يُقضى قضاء إلا بأمره، ولا يقع شيء إلا بعلمه، تبارك وتعالى في مجده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أنصح الناس للناس، </STRONG>
وأتقاهم لله تعالى؛ عَظُمت به المنَّةُ، وتمت به النعمة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أصلح هذه الأمة قلوباً، وأقواهم إيماناً،</STRONG>
وأزكاهم أعمالاً، وأصدقهم أقوالاً، لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يشنئوهم إلا منافق، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.</STRONG>
</STRONG>
أما بعد:</SPAN> فأوصي نفسي وإياكم -عباد الله- بتقوى الله تعالى في السر والعلن؛ فاتقوه حق التقوى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا </SPAN></SPAN></STRONG>
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] {آل عمران:102}.</STRONG></SPAN></SPAN>
</STRONG></SPAN></SPAN>
أيها الناس:</SPAN> كلما كان العبد أقوى إيماناً، وأكثر عبودية لله تعالى؛ كان أكثر نصحاً للعباد، وصدقاً معهم، وتجرداً من حظوظ النفس وأهوائها. ولما كان </SPAN></STRONG>
الرسل عليهم السلام هم أقرب البشر إلى الله تعالى، وأقواهم إيماناً به، وأكثرهم عبودية له؛ كانوا أنصح البشر للبشر، وأصدقهم معهم، وأخلصهم لهم،</STRONG></SPAN>
وكان في طاعتهم الهدى والرشاد، وفي مخالفتهم الهلاك والخسران.</STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
دعا نوح عليه السلام قومه للتوحيد وقال لهم [أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ] </SPAN>{الأعراف:62} وقال هود عليه السلام [أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا </SPAN></STRONG></SPAN>
لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ] </SPAN>{الأعراف:68} ولما لم يقبل قوم صالح عليه السلام نصحه قال لهم [ وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ] </SPAN>{الأعراف:79} وقال</STRONG></SPAN>
شعيب عليه السلام لقومه [ وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ]</SPAN> {الأعراف:93}.</STRONG></SPAN>
أولئك هم رسل الله تعالى صلوات ربي وسلامه عليهم، كانوا ناصحين لأقوامهم، مخلصين في دعواتهم، مبارَكين أينما حلُّوا، فهم رحمة الله تعالى للناس، </STRONG></SPAN>
وهم هدايته، وكان نبينا محمد </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> هو خاتمهم، وهو أنصح الناس لنا وإن لم نلقه ولم نسمعه ولم نره، قال الله تعالى في وصفه [لَقَدْ جَاءَكُمْ </SPAN></SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN></SPAN>
رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ</SPAN>] {التوبة:128}.</STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
ما من شيء فيه نفع لنا إلا أخبرنا به، وحثنا عليه، ورغبنا فيه.. وما من شيء فيه ضرر علينا إلا بينه لنا، ونهانا عنه، وحذرنا منه.. ولم يُخف عن أمته </STRONG></SPAN>
شيئاً.. عزَّ عليه عنت أمته فسأل الله لها التخفيف حتى استحيا من ربه عز وجل.. وبلَّغ الأمة بلاغاً لم يُبلغه أحد مثله، لا قبله ولا بعده، وصبر في سبيل ذلك </STRONG></SPAN>
صبراً جميلاً، وصفح عن قومه صفحاً جميلاً.</STRONG></SPAN>
كان من نصحه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> أنه دعا قومه فَعَمَّ وَخَصَّ وقال لهم: </SPAN>«</SPAN> أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ من النَّارِ</SPAN> »</SPAN> وظل يكرر ذلك عليهم،</SPAN> حتى بلغ به أقرب الناس </SPAN></STRONG>
إليه فقال </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> : يا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ من النَّارِ فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ من الله شيئاً</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN>
وبالغ في نُصحه لأمته، ورحمته بهم، وخوفه عليهم؛ حتى شُبِّه بالنذير العُريان الذي خرج يصيح بقومه، ويصرخ فيهم؛ ينذرهم الغُزاة، وهو </SPAN>صلى الله عليه </SPAN></STRONG>
وسلم بنصحه </SPAN>يدفع الناس عن النار وكثير منهم يأبون إلا الوقوع فيها، يقول </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> :</SPAN> «</SPAN> إنما مَثَلِي وَمَثَلُ أُمَّتِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَتْ </SPAN></STRONG>
الدَّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فيه فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فيه</SPAN> »</SPAN> رواه الشيخان. </SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN>
وبلغ من نصحه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> للناس، ورحمته بهم، وحرصه عليهم أنه يكرر النصح والموعظة والإرشاد؛ حتى خاطبه ربه سبحانه بقوله [ وَمَا أَكْثَرُ </SPAN></SPAN></STRONG>
النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ]</SPAN> {يوسف:103} وقال عز وجل له [ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ]</SPAN> {النحل:37}</STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
إن قلبه كاد أن ينقطع أسىً على تكذيب المكذبين، وإعراض المعرضين، حتى سلَّاه الله تعالى وسرَّى عنه، فهل يَبْلُغ أحد في نصحه للناس، وخوفه عليهم ما</STRONG></SPAN>
بلغ أبو القاسم </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> ؟!</SPAN></STRONG>
يخاطبه ربه سبحانه فيقول [ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ</SPAN>] {الحجر:97} ويشتد حزنه أسىً على قومه، ونصحاً لهم فيأمره ربه عز وجل</STRONG></SPAN>
بالصبر، وينهاه عن الحزن [وَاصْبِرْ وَ</SPAN>مَا صَبْرُكَ إِلَّا بِالله وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ]</SPAN> {النحل:127} وفي آية أخرى [ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا</SPAN></STRONG></SPAN>
يَمْكُرُونَ</SPAN>] {النمل:70}.</STRONG></SPAN>
إنه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> يريد أن يوصل لهم الإيمان لينجوا من العذاب، ويود إقناعهم بالهداية بأي طريق كان، ولكن التوفيق للهداية لا يملكه إلا الله</SPAN></STRONG>
تعالى، وما على الرسول إلا البلاغ، واشتدَّ ذلك علىه، وضاق صدره به، وعظم حزنه عليهم؛ حتى قال له ربه عز وجل [ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي</SPAN></STRONG></SPAN>
يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ الله يَجْحَدُونَ] </SPAN>{الأنعام:33} وبيَّن سبحانه له أن الهداية بيده وحده لا شريك له [ وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ </SPAN></STRONG></SPAN>
إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ] </SPAN>{الأنعام</STRONG></SPAN>
:35}.</STRONG></SPAN>
يا لهذا الحرص العظيم على هداية الناس ونفعهم، ودفع العذاب عنهم، حتى عَظُم به همه، واشتد حزنه، وضاق صدره، وكاد أن يهلك حسرة عليهم؛ </STRONG></SPAN>
فقال له ربه عز وجل [ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ</SPAN>] {فاطر:8} وخاطبه سبحانه بقوله [فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ </SPAN></STRONG></SPAN>
أَسَفًا</SPAN>] {الكهف:6} وفي آية أخرى [ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ</SPAN>] {الشعراء:3} يقول الطبري رحمه الله تعالى في معنى الآية:</SPAN> «</SPAN> لعلك يا محمد قاتل</SPAN></STRONG>
نفسك ومهلكها إنْ لم يؤمن قومك بك ويصدقوك على ما جئتهم به، والبخع هو القتل والإهلاك في كلام العرب</SPAN> »</SPAN></STRONG>
</SPAN>. </STRONG></SPAN>
وبيَّن له ربه عز وجل أنه مُبَلِّغٌ مُذَكِّر، ولا سبيل له إلى هدايتهم [ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ</SPAN> عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ</SPAN>] {الغاشية:22} وفي آية أخرى [ وَلَوْ شَاءَ </SPAN></STRONG></SPAN>
اللهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ]</SPAN> {الأنعام:107}.</STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
هكذا كان نصحه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> لمن لم يؤمن به من أمته يريد هدايتهم فكيف كان نصحه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> بمن آمنوا به؟! لقد بلغ في ذلك</SPAN></STRONG>
المنتهى حتى لا يفيه وصف حقه، ولا تبلغ كلمات مقدار نصحه </SPAN>^</SPAN> لنا، بآبائنا هو وأمهاتنا والناس أجمعين.</SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN>
كيف وقد جعل نفسه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> والداً لأمته، والوالد أشد ما يكون نصحاً لولده، ورحمة بهم، وشفقة عليهم، ولا كلام في ذلك أبلغ من كلام </SPAN></STRONG>
الله تعالى حين قال سبحانه [ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ</SPAN> أَنْفُسِهِمْ</SPAN>] {الأحزاب:6} وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> : </SPAN></STRONG>
((إنما أنا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه أبو داود.</SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN>
أعطاه ربه عز وجل دعوة يستجيب له فيها كما أعطى النبيين قبله، فقدم </SPAN>^</SPAN> أمته على نفسه، وادخر لهم دعوته، فدلوني على من يُعطى دعوة واحدة </SPAN></STRONG>
مستجابة فيجعلها لغيره، أفلا يكون ذلك منتهى النصح، ونهاية الرحمة والشفقة؟! </STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
روى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> : لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً</SPAN></SPAN></STRONG>
لِأُمَّتِي يوم الْقِيَامَةِ فَهِيَ نَائِلَةٌ إن شَاءَ الله من مَاتَ من أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِالله شيئاً</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه الشيخان.</SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN>
خَيَّرُه ربُه عز وجل في أمته فاختار ما هو خير لها وقال لأصحابه رضي الله عنهم:</SPAN> «</SPAN> إنه أتاني اللَّيْلَةَ آتٍ من ربي فخيرني بين أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أمتي الْجَنَّةَ وَبَيْنَ </SPAN></STRONG>
الشَّفَاعَةِ فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ</SPAN> »</SPAN> رواه أحمد.</SPAN></STRONG>
ومن نصحه صلى الله عليه وسلم لأمته أنه دلهم على ما ينفعهم في الدين، وما يقربهم إلى الله تعالى من الأعمال الصالحة، ووصاهم بها؛ كما وصى رجلاً بأن </STRONG></SPAN>
لا يغضب، وقال أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:</SPAN> «</SPAN> أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ من كل شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قبل أَنْ </SPAN></STRONG>
أَنَامَ</SPAN> »</SPAN> رواه الشيخان. وروى بُرَيْدَةُ رضي الله عنه قال:</SPAN> «</SPAN> كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَمَّرَ أَمِيرًا على جَيْشٍ أو سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ في خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى الله</SPAN></STRONG>
وَمَنْ معه من الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا</SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
ولذا استحق</SPAN> </SPAN>صلى الله عليه وسلم أن تشهد له الأمة جمعاء بأنه نصح لأمته نصحاً أعظم النصح، فاستشهد على نصحه صحابته رضي الله عنهم في أكبر</SPAN></STRONG>
جمع وأفضله يوم عرفة حين خطب الناس، فقال صلى الله عليه وسلم لهم:</SPAN> «</SPAN> وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فما أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قالوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قد بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ</SPAN></STRONG>
وَنَصَحْتَ، فقال: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إلى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إلى الناس: اللهم اشْهَدْ اللهم اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ</SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
ولا نقول إلا كما قال الصحابة رضي الله عنهم: نشهد أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم قد بلغ وأدى ونصح، فجزاه الله تعالى خير ما جزى نبياً عن</STRONG></SPAN>
أمته، ونُشهد الله تعالى وملائكته على شهادتنا، وكفى بالله شهيداً...وأقول ما تسمعون واستغفر...</STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا لإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم</STRONG></SPAN>
وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.</STRONG></SPAN>
أما بعد:</SPAN> فاتقوا الله تعالى وأطيعوه [وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ]</SPAN>{آل عمران:131-132} </SPAN></STRONG>
أيها المسلمون</SPAN> : لم يَقْصِرْ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نصحه لأمته على أمور الدين وما يتعلق بالآخرة فحسب، بل بذل نصحه للناس في أمور الدنيا؛</SPAN></STRONG>
فنصح للقريب والبعيد، وللرجال والنساء، وللكبار والصغار، وللرعاة والرعية. </STRONG></SPAN>
وأراد رجل أن يتصدق بماله كله ويُفقر نفسه وأهله وولده فمنعه صلى الله عليه وسلم من ذلك؛ نصحاً له وقال:</SPAN> «</SPAN> ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عليها فَإِنْ فَضَلَ </SPAN></STRONG>
شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ عن أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ فَإِنْ فَضَلَ عن ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا، يقول فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ</SPAN> »</SPAN> </SPAN>رواه </SPAN></STRONG>
مسلم.</STRONG></SPAN>
ومن نصحه صلى الله عليه وسلم للنساء أنه أوصى بهن الرجال فقال صلى الله عليه وسلم</SPAN> «</SPAN> اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ</SPAN> »</SPAN> رواه الشيخان.</SPAN></STRONG>
ولما طُلقت فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ وخطبها مُعَاوِيَةُ بن أبي سُفْيَانَ وَأَبَو جَهْمٍ رضي الله عنهم نصح لها النبي صلى الله عليه وسلم وقال:</SPAN> «</SPAN> أَمَّا أبو جَهْمٍ فلا يَضَعُ </SPAN></STRONG>
عَصَاهُ عن عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ له، انكحي أُسَامَةَ بن زَيْدٍ، قالت: فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قال: انْكِحِي أُسَامَةَ فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ الله فيه خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ</SPAN> »</SPAN> رواه</SPAN></STRONG>
مسلم.</STRONG></SPAN>
وكما نصح صلى الله عليه وسلم للنساء فإنه كذلك نصح للرجال؛ كما في حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:</SPAN> «</SPAN> كنت عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم</SPAN></STRONG>
فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً من الْأَنْصَارِ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا</SPAN>؟ قال: لَا، قال: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فإن في أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ</SPAN></STRONG></SPAN>
شيئاً</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه مسلم. </SPAN></STRONG>
ومن نُصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أنه رباهم على النصح للناس، وحثهم عليه، ورغبهم فيه؛ لينالوا حسنة الدنيا والآخرة، فجعل الدين كله في</STRONG></SPAN>
النصح؛ كما في حديث تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:</SPAN> «</SPAN> الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قال: لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ ولائمة </SPAN></STRONG>
الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ</SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
وبايعهم صلى الله عليه وسلم على النصح للمسلمين؛ كما في حديث جَرِيرِ بن عبد الله رضي الله عنه قال :</SPAN></SPAN> «</SPAN> بَايَعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم على</SPAN></STRONG>
إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ</SPAN> »متفق عليه</SPAN> .</SPAN></STRONG>
وجعل النصح من حقوق المسلم على المسلم؛ كما في حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :</SPAN></SPAN> «</SPAN> حَقُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ</SPAN></STRONG>
سِتٌّ... وذكر منها: وإذا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ له</SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
وشدد صلى الله عليه وسلم في نصح الرعية للراعي فقال صلى الله عليه وسلم : ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لله وَالنَّصِيحَةُ لِوُلَاةِ</SPAN></STRONG></SPAN>
الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ فإن دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ من وَرَائِهِمْ</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه ابن ماجه، كما شدَّد صلى الله عليه وسلم على الراعي أن ينصح لرعيته فقال صلى الله</SPAN></STRONG>
عليه وسلم : ما من عَبْدٍ يسترعيه الله رَعِيَّةً فلم يَحُطْهَا بنصحه إلا لم يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ</SPAN> »</SPAN> رواه الشيخان.</SPAN></STRONG>
وكان من نصحه صلى الله عليه وسلم لأمته أنه دعا لمن رفق بهم، ودعا على من شقَّ عليهم فقال صلى الله عليه وسلم : اللهم من وَلِيَ من أَمْرِ أُمَّتِي شيئاً</SPAN></STRONG></SPAN>
فَشَقَّ عليهم فَاشْقُقْ عليه وَمَنْ وَلِيَ من أَمْرِ أُمَّتِي شيئاً فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
فحري بالمسلم أن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في بذل النصح لإخوانه المسلمين، والحرص على هداية الناس أجمعين؛ فإن التأسي به صلى الله عليه</STRONG></SPAN>
وسلم</SPAN> دليل على محبته، ومحبته </SPAN>صلى الله عليه وسلم سبب لنيل شفاعته، والورود على حوضه، ومرافقته في الجنة؛ فقد قِيلَ له:</SPAN> «</SPAN> الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا</SPAN></STRONG>
يحلق بِهِمْ قال صلى الله عليه وسلم : الْمَرْءُ مع من أَحَبَّ</SPAN></SPAN> »</SPAN> متفق عليه.</SPAN></STRONG>
</SPAN></STRONG>
المصدر الشيخ / إبراهيم بن محمد الحقيل [/size]
أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ]{</SPAN>آل عمران:164} نحمده حمداً كثيراً، </STRONG>
ونشكره شكراً مزيداً؛ فنعمه علينا متتابعه، وخيراته لنا وافية [ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله] </SPAN>{النحل:53}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده </STRONG>
لا شريك له؛ لا يُقضى قضاء إلا بأمره، ولا يقع شيء إلا بعلمه، تبارك وتعالى في مجده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أنصح الناس للناس، </STRONG>
وأتقاهم لله تعالى؛ عَظُمت به المنَّةُ، وتمت به النعمة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أصلح هذه الأمة قلوباً، وأقواهم إيماناً،</STRONG>
وأزكاهم أعمالاً، وأصدقهم أقوالاً، لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يشنئوهم إلا منافق، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.</STRONG>
</STRONG>
أما بعد:</SPAN> فأوصي نفسي وإياكم -عباد الله- بتقوى الله تعالى في السر والعلن؛ فاتقوه حق التقوى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا </SPAN></SPAN></STRONG>
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] {آل عمران:102}.</STRONG></SPAN></SPAN>
</STRONG></SPAN></SPAN>
أيها الناس:</SPAN> كلما كان العبد أقوى إيماناً، وأكثر عبودية لله تعالى؛ كان أكثر نصحاً للعباد، وصدقاً معهم، وتجرداً من حظوظ النفس وأهوائها. ولما كان </SPAN></STRONG>
الرسل عليهم السلام هم أقرب البشر إلى الله تعالى، وأقواهم إيماناً به، وأكثرهم عبودية له؛ كانوا أنصح البشر للبشر، وأصدقهم معهم، وأخلصهم لهم،</STRONG></SPAN>
وكان في طاعتهم الهدى والرشاد، وفي مخالفتهم الهلاك والخسران.</STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
دعا نوح عليه السلام قومه للتوحيد وقال لهم [أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ] </SPAN>{الأعراف:62} وقال هود عليه السلام [أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا </SPAN></STRONG></SPAN>
لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ] </SPAN>{الأعراف:68} ولما لم يقبل قوم صالح عليه السلام نصحه قال لهم [ وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ] </SPAN>{الأعراف:79} وقال</STRONG></SPAN>
شعيب عليه السلام لقومه [ وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ]</SPAN> {الأعراف:93}.</STRONG></SPAN>
أولئك هم رسل الله تعالى صلوات ربي وسلامه عليهم، كانوا ناصحين لأقوامهم، مخلصين في دعواتهم، مبارَكين أينما حلُّوا، فهم رحمة الله تعالى للناس، </STRONG></SPAN>
وهم هدايته، وكان نبينا محمد </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> هو خاتمهم، وهو أنصح الناس لنا وإن لم نلقه ولم نسمعه ولم نره، قال الله تعالى في وصفه [لَقَدْ جَاءَكُمْ </SPAN></SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN></SPAN>
رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ</SPAN>] {التوبة:128}.</STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
ما من شيء فيه نفع لنا إلا أخبرنا به، وحثنا عليه، ورغبنا فيه.. وما من شيء فيه ضرر علينا إلا بينه لنا، ونهانا عنه، وحذرنا منه.. ولم يُخف عن أمته </STRONG></SPAN>
شيئاً.. عزَّ عليه عنت أمته فسأل الله لها التخفيف حتى استحيا من ربه عز وجل.. وبلَّغ الأمة بلاغاً لم يُبلغه أحد مثله، لا قبله ولا بعده، وصبر في سبيل ذلك </STRONG></SPAN>
صبراً جميلاً، وصفح عن قومه صفحاً جميلاً.</STRONG></SPAN>
كان من نصحه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> أنه دعا قومه فَعَمَّ وَخَصَّ وقال لهم: </SPAN>«</SPAN> أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ من النَّارِ</SPAN> »</SPAN> وظل يكرر ذلك عليهم،</SPAN> حتى بلغ به أقرب الناس </SPAN></STRONG>
إليه فقال </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> : يا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ من النَّارِ فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ من الله شيئاً</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN>
وبالغ في نُصحه لأمته، ورحمته بهم، وخوفه عليهم؛ حتى شُبِّه بالنذير العُريان الذي خرج يصيح بقومه، ويصرخ فيهم؛ ينذرهم الغُزاة، وهو </SPAN>صلى الله عليه </SPAN></STRONG>
وسلم بنصحه </SPAN>يدفع الناس عن النار وكثير منهم يأبون إلا الوقوع فيها، يقول </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> :</SPAN> «</SPAN> إنما مَثَلِي وَمَثَلُ أُمَّتِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَتْ </SPAN></STRONG>
الدَّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فيه فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فيه</SPAN> »</SPAN> رواه الشيخان. </SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN>
وبلغ من نصحه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> للناس، ورحمته بهم، وحرصه عليهم أنه يكرر النصح والموعظة والإرشاد؛ حتى خاطبه ربه سبحانه بقوله [ وَمَا أَكْثَرُ </SPAN></SPAN></STRONG>
النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ]</SPAN> {يوسف:103} وقال عز وجل له [ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ]</SPAN> {النحل:37}</STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
إن قلبه كاد أن ينقطع أسىً على تكذيب المكذبين، وإعراض المعرضين، حتى سلَّاه الله تعالى وسرَّى عنه، فهل يَبْلُغ أحد في نصحه للناس، وخوفه عليهم ما</STRONG></SPAN>
بلغ أبو القاسم </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> ؟!</SPAN></STRONG>
يخاطبه ربه سبحانه فيقول [ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ</SPAN>] {الحجر:97} ويشتد حزنه أسىً على قومه، ونصحاً لهم فيأمره ربه عز وجل</STRONG></SPAN>
بالصبر، وينهاه عن الحزن [وَاصْبِرْ وَ</SPAN>مَا صَبْرُكَ إِلَّا بِالله وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ]</SPAN> {النحل:127} وفي آية أخرى [ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا</SPAN></STRONG></SPAN>
يَمْكُرُونَ</SPAN>] {النمل:70}.</STRONG></SPAN>
إنه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> يريد أن يوصل لهم الإيمان لينجوا من العذاب، ويود إقناعهم بالهداية بأي طريق كان، ولكن التوفيق للهداية لا يملكه إلا الله</SPAN></STRONG>
تعالى، وما على الرسول إلا البلاغ، واشتدَّ ذلك علىه، وضاق صدره به، وعظم حزنه عليهم؛ حتى قال له ربه عز وجل [ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي</SPAN></STRONG></SPAN>
يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ الله يَجْحَدُونَ] </SPAN>{الأنعام:33} وبيَّن سبحانه له أن الهداية بيده وحده لا شريك له [ وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ </SPAN></STRONG></SPAN>
إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ] </SPAN>{الأنعام</STRONG></SPAN>
:35}.</STRONG></SPAN>
يا لهذا الحرص العظيم على هداية الناس ونفعهم، ودفع العذاب عنهم، حتى عَظُم به همه، واشتد حزنه، وضاق صدره، وكاد أن يهلك حسرة عليهم؛ </STRONG></SPAN>
فقال له ربه عز وجل [ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ</SPAN>] {فاطر:8} وخاطبه سبحانه بقوله [فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ </SPAN></STRONG></SPAN>
أَسَفًا</SPAN>] {الكهف:6} وفي آية أخرى [ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ</SPAN>] {الشعراء:3} يقول الطبري رحمه الله تعالى في معنى الآية:</SPAN> «</SPAN> لعلك يا محمد قاتل</SPAN></STRONG>
نفسك ومهلكها إنْ لم يؤمن قومك بك ويصدقوك على ما جئتهم به، والبخع هو القتل والإهلاك في كلام العرب</SPAN> »</SPAN></STRONG>
</SPAN>. </STRONG></SPAN>
وبيَّن له ربه عز وجل أنه مُبَلِّغٌ مُذَكِّر، ولا سبيل له إلى هدايتهم [ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ</SPAN> عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ</SPAN>] {الغاشية:22} وفي آية أخرى [ وَلَوْ شَاءَ </SPAN></STRONG></SPAN>
اللهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ]</SPAN> {الأنعام:107}.</STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
هكذا كان نصحه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> لمن لم يؤمن به من أمته يريد هدايتهم فكيف كان نصحه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> بمن آمنوا به؟! لقد بلغ في ذلك</SPAN></STRONG>
المنتهى حتى لا يفيه وصف حقه، ولا تبلغ كلمات مقدار نصحه </SPAN>^</SPAN> لنا، بآبائنا هو وأمهاتنا والناس أجمعين.</SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN>
كيف وقد جعل نفسه </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> والداً لأمته، والوالد أشد ما يكون نصحاً لولده، ورحمة بهم، وشفقة عليهم، ولا كلام في ذلك أبلغ من كلام </SPAN></STRONG>
الله تعالى حين قال سبحانه [ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ</SPAN> أَنْفُسِهِمْ</SPAN>] {الأحزاب:6} وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> : </SPAN></STRONG>
((إنما أنا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه أبو داود.</SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN>
أعطاه ربه عز وجل دعوة يستجيب له فيها كما أعطى النبيين قبله، فقدم </SPAN>^</SPAN> أمته على نفسه، وادخر لهم دعوته، فدلوني على من يُعطى دعوة واحدة </SPAN></STRONG>
مستجابة فيجعلها لغيره، أفلا يكون ذلك منتهى النصح، ونهاية الرحمة والشفقة؟! </STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
روى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله </SPAN>صلى الله عليه وسلم</SPAN> : لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً</SPAN></SPAN></STRONG>
لِأُمَّتِي يوم الْقِيَامَةِ فَهِيَ نَائِلَةٌ إن شَاءَ الله من مَاتَ من أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِالله شيئاً</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه الشيخان.</SPAN></STRONG>
</STRONG></SPAN>
خَيَّرُه ربُه عز وجل في أمته فاختار ما هو خير لها وقال لأصحابه رضي الله عنهم:</SPAN> «</SPAN> إنه أتاني اللَّيْلَةَ آتٍ من ربي فخيرني بين أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أمتي الْجَنَّةَ وَبَيْنَ </SPAN></STRONG>
الشَّفَاعَةِ فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ</SPAN> »</SPAN> رواه أحمد.</SPAN></STRONG>
ومن نصحه صلى الله عليه وسلم لأمته أنه دلهم على ما ينفعهم في الدين، وما يقربهم إلى الله تعالى من الأعمال الصالحة، ووصاهم بها؛ كما وصى رجلاً بأن </STRONG></SPAN>
لا يغضب، وقال أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:</SPAN> «</SPAN> أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ من كل شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قبل أَنْ </SPAN></STRONG>
أَنَامَ</SPAN> »</SPAN> رواه الشيخان. وروى بُرَيْدَةُ رضي الله عنه قال:</SPAN> «</SPAN> كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَمَّرَ أَمِيرًا على جَيْشٍ أو سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ في خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى الله</SPAN></STRONG>
وَمَنْ معه من الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا</SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
ولذا استحق</SPAN> </SPAN>صلى الله عليه وسلم أن تشهد له الأمة جمعاء بأنه نصح لأمته نصحاً أعظم النصح، فاستشهد على نصحه صحابته رضي الله عنهم في أكبر</SPAN></STRONG>
جمع وأفضله يوم عرفة حين خطب الناس، فقال صلى الله عليه وسلم لهم:</SPAN> «</SPAN> وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فما أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قالوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قد بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ</SPAN></STRONG>
وَنَصَحْتَ، فقال: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إلى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إلى الناس: اللهم اشْهَدْ اللهم اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ</SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
ولا نقول إلا كما قال الصحابة رضي الله عنهم: نشهد أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم قد بلغ وأدى ونصح، فجزاه الله تعالى خير ما جزى نبياً عن</STRONG></SPAN>
أمته، ونُشهد الله تعالى وملائكته على شهادتنا، وكفى بالله شهيداً...وأقول ما تسمعون واستغفر...</STRONG></SPAN>
</STRONG></SPAN>
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا لإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم</STRONG></SPAN>
وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.</STRONG></SPAN>
أما بعد:</SPAN> فاتقوا الله تعالى وأطيعوه [وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ]</SPAN>{آل عمران:131-132} </SPAN></STRONG>
أيها المسلمون</SPAN> : لم يَقْصِرْ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نصحه لأمته على أمور الدين وما يتعلق بالآخرة فحسب، بل بذل نصحه للناس في أمور الدنيا؛</SPAN></STRONG>
فنصح للقريب والبعيد، وللرجال والنساء، وللكبار والصغار، وللرعاة والرعية. </STRONG></SPAN>
وأراد رجل أن يتصدق بماله كله ويُفقر نفسه وأهله وولده فمنعه صلى الله عليه وسلم من ذلك؛ نصحاً له وقال:</SPAN> «</SPAN> ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عليها فَإِنْ فَضَلَ </SPAN></STRONG>
شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ عن أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ فَإِنْ فَضَلَ عن ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا، يقول فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ</SPAN> »</SPAN> </SPAN>رواه </SPAN></STRONG>
مسلم.</STRONG></SPAN>
ومن نصحه صلى الله عليه وسلم للنساء أنه أوصى بهن الرجال فقال صلى الله عليه وسلم</SPAN> «</SPAN> اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ</SPAN> »</SPAN> رواه الشيخان.</SPAN></STRONG>
ولما طُلقت فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ وخطبها مُعَاوِيَةُ بن أبي سُفْيَانَ وَأَبَو جَهْمٍ رضي الله عنهم نصح لها النبي صلى الله عليه وسلم وقال:</SPAN> «</SPAN> أَمَّا أبو جَهْمٍ فلا يَضَعُ </SPAN></STRONG>
عَصَاهُ عن عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ له، انكحي أُسَامَةَ بن زَيْدٍ، قالت: فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قال: انْكِحِي أُسَامَةَ فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ الله فيه خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ</SPAN> »</SPAN> رواه</SPAN></STRONG>
مسلم.</STRONG></SPAN>
وكما نصح صلى الله عليه وسلم للنساء فإنه كذلك نصح للرجال؛ كما في حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:</SPAN> «</SPAN> كنت عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم</SPAN></STRONG>
فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً من الْأَنْصَارِ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا</SPAN>؟ قال: لَا، قال: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فإن في أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ</SPAN></STRONG></SPAN>
شيئاً</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه مسلم. </SPAN></STRONG>
ومن نُصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أنه رباهم على النصح للناس، وحثهم عليه، ورغبهم فيه؛ لينالوا حسنة الدنيا والآخرة، فجعل الدين كله في</STRONG></SPAN>
النصح؛ كما في حديث تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:</SPAN> «</SPAN> الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قال: لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ ولائمة </SPAN></STRONG>
الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ</SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
وبايعهم صلى الله عليه وسلم على النصح للمسلمين؛ كما في حديث جَرِيرِ بن عبد الله رضي الله عنه قال :</SPAN></SPAN> «</SPAN> بَايَعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم على</SPAN></STRONG>
إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ</SPAN> »متفق عليه</SPAN> .</SPAN></STRONG>
وجعل النصح من حقوق المسلم على المسلم؛ كما في حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :</SPAN></SPAN> «</SPAN> حَقُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ</SPAN></STRONG>
سِتٌّ... وذكر منها: وإذا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ له</SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
وشدد صلى الله عليه وسلم في نصح الرعية للراعي فقال صلى الله عليه وسلم : ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لله وَالنَّصِيحَةُ لِوُلَاةِ</SPAN></STRONG></SPAN>
الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ فإن دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ من وَرَائِهِمْ</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه ابن ماجه، كما شدَّد صلى الله عليه وسلم على الراعي أن ينصح لرعيته فقال صلى الله</SPAN></STRONG>
عليه وسلم : ما من عَبْدٍ يسترعيه الله رَعِيَّةً فلم يَحُطْهَا بنصحه إلا لم يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ</SPAN> »</SPAN> رواه الشيخان.</SPAN></STRONG>
وكان من نصحه صلى الله عليه وسلم لأمته أنه دعا لمن رفق بهم، ودعا على من شقَّ عليهم فقال صلى الله عليه وسلم : اللهم من وَلِيَ من أَمْرِ أُمَّتِي شيئاً</SPAN></STRONG></SPAN>
فَشَقَّ عليهم فَاشْقُقْ عليه وَمَنْ وَلِيَ من أَمْرِ أُمَّتِي شيئاً فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ</SPAN></SPAN> »</SPAN> رواه مسلم.</SPAN></STRONG>
فحري بالمسلم أن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في بذل النصح لإخوانه المسلمين، والحرص على هداية الناس أجمعين؛ فإن التأسي به صلى الله عليه</STRONG></SPAN>
وسلم</SPAN> دليل على محبته، ومحبته </SPAN>صلى الله عليه وسلم سبب لنيل شفاعته، والورود على حوضه، ومرافقته في الجنة؛ فقد قِيلَ له:</SPAN> «</SPAN> الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا</SPAN></STRONG>
يحلق بِهِمْ قال صلى الله عليه وسلم : الْمَرْءُ مع من أَحَبَّ</SPAN></SPAN> »</SPAN> متفق عليه.</SPAN></STRONG>
</SPAN></STRONG>
المصدر الشيخ / إبراهيم بن محمد الحقيل [/size]
Jeu 11 Juin - 19:01 par dahdouh dech
» اقدم لكم لعبة FIFA Street 2 للتحميل
Dim 29 Mar - 14:55 par hassan boulal
» برنامج رائع لمعرفة كلمة السر لاى ملف مضغوط لا تترددوا جد رائع
Ven 14 Juin - 2:32 par alami1992
» لعبة السباق والسرعة:Street Legal Racing Redline:بحجم 1.16 جيجا على رابط واحد فقط !!!!
Jeu 5 Juil - 12:58 par ahmed abdou
» حصريـﮯ ◄•● Cheb Adjel Tabghi Moul El Habette2012
Lun 11 Juin - 17:14 par Admin
» حصريـﮯ ◄•● Compilation Rai Ancien 2012«
Lun 11 Juin - 17:13 par Admin
» حصريـﮯ ◄•● تجميعة اغاني Cheb Snouci Best of
Lun 11 Juin - 17:11 par Admin
» مكتبة طلبات الصوتيات + الـ YouTuBe العــ(01)ـــدد || تميــز وانظــم
Jeu 12 Jan - 22:04 par Admin
» ||«♫» حصري best of cheb ladjel من رفعي
Jeu 12 Jan - 21:32 par Admin